حط بي الرحال بمطار نيويورك في رحلة استنزاف بسبب توقيت المغادرة من مطار محمد الخامس والذي حدد سلفا في السابعة صباحا ما يعني معه الوصول باكرا إلى المطار في الرابعة والنصف ومغادرة مقر الإقامة في الثالثة والنصف.
وبعملية حسابية قضاء ليلة بيضاء تذكرنا بأيام المراهقة وقضاء ليل كامل بدون نوم أمام حاسوب مزود بالانترنت في ما عرف في بداية الألفية بسيبير إنترنت.
ما ميز رحلتنا هو تواجد عشرات من مناصري الترجي التونسي، منهم من فضل إظهار هويته عبر قميص الترجي، في حين فضل آخرين عدم التأكيد على انتمائه لباب السويقة.
لم يكن جمهور الترجي الوحيد في الطائرة بل حتى جمهور الوداد ومنهم محسوبين على وينرز العالمي.
ما أثار إعجابي هو الحس الرياضي لجمهور الوداد الذي لقن درسا للتونسيين، فلا ودادي واحد نطق بسوء في وجه التونسي، رغم ما تعرضت له المجموعة في تنقلاتها العديدة إلى الجمهورية الشقيقة.
العارفون بخبايا الالتراس يعرفون الحزازة بين طرفين، لذا كان من اللازم متابعة عن قرب ما سيحدث، وفي الأخير انتصرت الروح الرياضية على كل الأصوات النشزة التي روجت وتروج للعنف بين المناصرين..
أكدت الرحلة أيضا أن المغرب ” دار كبيرة” فإلى جانب التونسي يوجد السيراليوني والغيني والنيجيري منهم من حصل على فرصة العمر عبر الفوز بالقرعة العشوائية المؤدية إلى العيش في بلاد العم سام.
ومنهم من حصل على الجنسية الأمريكية لكن لم ينس أصله الإفريقي ولا يمكن زيارة غرب إفريقيا وجنوبها إلا عبر المرور بمطار مغربي وطائرة المملكة الجوية.
تقدمت وزملائي من الصحافيين بعد مرور سبع ساعات ونصف من الطيران، نحو شرطي الحدود، وعكس ما روج تم التأشير على دخولنا التراب الأمريكي ولم يمنع لا صحافي ولا مشجع ولا زائر من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، إذ رحب بالجميع دون استثناء، إذ لم نر لا منعا ولا ترحيل.
البحث عن شريحة هاتف في مطار نيويورك عملية ليست سهلة بل مكلفة، تتطلب دفع 80 دولار أمريكي، حتى يستنى له الاتصال بهذا العالم الفريد من نوعه.
وقبل هضم دفع ثمانين دولار مقابل شريحة هاتف، كان من اللازم العض على النواجد لاعتقادنا أن الجو في أمريكا صيفي حار، لكن نيويورك ونواحيها استقبلتنا بالأمطار في انتظار أن تكون فأل خير على من تحملنا عناء دفع الملايين من أجله، وداد الأمة، لكي يمطر خصومه بأهداف تمنحه التأهل للدور الثاني من مونديال الأندية وتغني رصيده البنكي بملايين الدولارات تضعه في مصاف الأندية العالمية الكبيرة..
تصادف وصولنا، مع وصول حجاج أفارقة من جنسيات أمريكية، يرددون عبارة لبيك اللهم لبيك وفرح وهتافات في مشهد شبيه بعودة حجاجنا الميامين إلى الوطن الحبيب..
مر المشهد عفويا لكن دلالاته أن أميركا لا فرق فيها بين مسلم ومسيحي ويهودي، فالوطن يشمل الجميع..
أدون هذه اليومية وأنا في طريق مكتظة تربط نيويورك بفيلادلفيا والأمل الوصول سالمين معافين والأمل التوفيق لفريق الوداد.