“فيفا” يدرس 4 قرارات حاسمة لإنقاذ اللاعبين في كأس العالم 2026
تحوّلت درجات الحرارة المرتفعة المحيطة بمنافسات كأس العالم للأندية الجارية حاليًّا في أمريكا إلى حالة إنذار قصوى، بعدما سجلت مدينة شارلوت، إحدى المدن المستضيفة، 40 درجة مئوية قبل أيام قليلة.
وفي ظل هذه الظروف القاسية، طالبت النقابة العالمية للاعبي كرة القدم “فيفبرو” الاتحاد الدولي “فيفا” باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية صحة اللاعبين.
وفي بيان حاد اللهجة صدر، يوم الثلاثاء حذّرت “فيفبرو” من خطورة استمرار المباريات في مثل هذه الأجواء، داعية إلى تعديل بروتوكولات جدولة المباريات مستقبلًا، بما في ذلك كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة.
وشملت مطالب النقابة تمديد فترات الاستراحة بين الشوطين، ومراجعة توقيت انطلاق المباريات بما يتماشى مع متطلبات السلامة الصحية للاعبين، خاصة في ظل تجاوز درجات الحرارة للمعدلات المقبولة من حيث الراحة الحرارية.
وخلال مجريات البطولة، تخطت درجات الحرارة حاجز الـ30 درجة مئوية في معظم المدن المستضيفة؛ ما أثار قلق المدربين بشأن التأثير السلبي في أداء اللاعبين، وعبّر تشابي ألونسو، المدرب الجديد لريال مدريد، عن استيائه قائلًا: “الطقس ليس مثاليًّا، الظروف غير مناسبة، والتوقيت ليس الأفضل لممارسة كرة القدم”.
وأكدت “فيفبرو”، التي تحتفل هذا العام بمرور 60 عامًا على تأسيسها في الـ15 من ديسمبر، أن هذه المشاهد تعكس مجددًا المخاطر الفريدة التي يواجهها اللاعبون المحترفون.
وقال ألكسندر بيلفيلد، مدير السياسات والعلاقات الاستراتيجية في النقابة: “هذه البطولة تُعد بمثابة جرس إنذار مثالي لنا جميعًا لإعادة تقييم جداول المباريات المستقبلية”.
وقد دفعت موجة الحر الشديدة إلى تفعيل إجراءات طارئة كفترات التبريد أو “استراحات الترطيب”، وهي توقفات مؤقتة أقرّها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) منذ عام 2014، وتُنفّذ عندما تتجاوز درجات الحرارة 30 درجة مئوية، عادةً في الدقيقة الـ30 والدقيقة الـ75، وتستمر لما يصل إلى ثلاث دقائق.
لكن “فيفبرو” ترى أن هذه الإجراءات غير كافية، وقال ألكسندر بيلفيلد، مدير السياسات والعلاقات الاستراتيجية في النقابة: “لدينا عدد من البطولات الكبرى المقبلة، وعلينا دراسة هذه المسألة عن كثب”، في إشارة إلى كأس العالم 2026 المرتقب، وكأس العالم 2030 في إسبانيا، والبرتغال، والمغرب – وهي دول تشهد صيفًا يزداد قسوة عامًا بعد آخر.
ووفقًا لأحدث دراسة أصدرتها “فيفبرو”، فإن 6 من أصل 16 ملعبًا من المقرر أن تستضيف مباريات مونديال 2026 – من بينها ميامي – تُصنّف ضمن فئة “الخطر المرتفع للغاية” للإصابات المرتبطة بالحرارة. وتزداد المخاوف مع تحديد توقيت عدد كبير من المباريات عند الظهيرة أو الساعة الثالثة عصرًا بالتوقيت المحلي، وهي ذروة درجات الحرارة.
ويرى فينسينت غوتبارج، كبير المسؤولين الطبيين في “فيفبرو”، أن التدابير الحالية في الملاعب غير كافية، مطالبًا بتمديد فترة الاستراحة بين الشوطين من 15 دقيقة إلى 20 دقيقة عند اللعب تحت درجات حرارة مرتفعة للغاية.
واستند غوتبارج في اقتراحه إلى دراسة نُشرت في أغسطس 2023، أوصت بتأجيل المباريات كليًّا إذا تجاوزت درجات الحرارة 36 درجة مئوية، حفاظًا على سلامة اللاعبين، والحكام، والجماهير على حد سواء.
وحذّر غوتبارج من أن فترتي التبريد المعتمدتين حاليًّا – واحدة في كل شوط – لا توفران الحماية الكافية للاعبين، وقال: “نحن ندرس اعتماد فترات تبريد أقصر ولكن أكثر تكرارًا، ربما كل 15 دقيقة”، مذكّرًا المنظمين بأن الحرارة المفرطة لا تؤثر فقط في الأداء البدني، بل تُهدد أيضًا صحة اللاعبين القلبية والعصبية.
ومن بين الاقتراحات الأخرى للمونديال المقبل، هو حصر إقامة المباريات في الصباح أو المساء، وتجنّب اللعب في فترات الظهيرة.
وجسّد المهاجم البرازيلي فيتور روكي هذه المخاطر بشكل صارخ خلال مباراة بالميراس وبوتافوغو على ملعب “لينكولن فاينانشال فيلد” في فيلادلفيا، حيث بالكاد تمكن من الوقوف على قدميه قبل أن ينهار بجوار مروحة تبريد ضخمة على جانب الملعب، في وقت كان فيه زملاؤه يلهثون ويتناولون المياه في محاولة لاستعادة أنفاسهم.
ولا تقتصر التحديات التي تواجه اللاعبين والمنظمين في كأس العالم للأندية على موجة الحر الشديدة فحسب، بل واجهت البطولة أيضًا اضطرابات كبيرة بسبب الصواعق، إذ تأخرت ما لا يقل عن ست مباريات بسبب خطر البرق، وذلك في ظل قوانين بعض الولايات الأمريكية التي تُلزم بإيقاف الفعاليات الرياضية الخارجية مؤقتًا حتى زوال الخطر.
وفي هذا السياق، أقرّت “فيفبرو” بأن هذه التوقفات لا مفر منها، موضحين: “في الوقت الحالي، الأمر متعلّق بتشريعات محلية في بعض الولايات، ولا يمكن لكرة القدم أن تفعل الكثير حيال ذلك”.
ومع اقتراب كأس العالم 2026، تكثف “فيفبرو” ضغطها على “فيفا” من أجل منح أولوية لصحة اللاعبين على حساب الاعتبارات التجارية، وعلى رأسها توقيتات انطلاق المباريات التي تُحدد غالبًا وفق مصالح البث التلفزيوني، رغم أنها غير مناسبة إطلاقًا للأداء البشري.
الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت “فيفا” ستستجيب لدعوات تعديل جدول المباريات بشكل أكثر مرونة، وتمديد فترات الراحة، وإجراء تغييرات لوجستية ضرورية، لضمان ألا تتحول “اللعبة الجميلة” إلى معاناة مرهقة لنجومها.